بعد شهر تقريبا من الآن، يحتفل العالم بيوم المعلم، وفي الحقيقة لا أعرف ما الذي تبقى من مهنة المعلم ليحتفل العالم بها! فهل سيحتفل العالم بمعلم «ما قبل كورونا» أم بمعلم «ما بعد كورونا» ؟ وهل المعلم قبل كورونا مثلما هو قبلها!
علينا أن نعرف وأن نعترف بأن المعلم يعيش غربة المهنة منذ فترة، غربة متفاقمة بدأت تتسع وتتفاقم منذ سنوات، وقد وصلت ذروتها مع مرحلة التعليم عن بعد. فمن ناحية، تتعرض مهنة التعليم ذاتها لتحولات جذرية أفقدتها الكثير من خصائصها وصيرورتها وأضافت لها الكثير من الخصائص، في المقابل أصبحنا نطالب المعلم بالكثير من المهارات والقدرات الخارقة كي يواكب مستجدات التقنية والتحولات الملازمة لها.
إن نسبة كبيرة مما يمارسه المعلم اليوم ليس في صميم مهنة التعليم، وهو إما مهارات وقدرات أملتها التقنية، أو مهارات وقدرات تصب في مجال التواصل أو أنها تصب في مجال الإقناع والمهارات الإدارية والاجتماعية التي يتطلبها التعامل مع الجمهور المباشر أو غير المباشر والذي يتوجه إليه المعلم والمعلمة.
الأسبوع الماضي كنت مع عدد من كتاب الرأي الذين استضافتهم وزارة التعليم، بحضور معالي وزير التعليم ومعالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات لاطلاع كتاب الرأي والإعلام على الجهود التي قامت بها الوزارتان وغيرهما من جهات في مجال التعليم عن بعد. وشملت الزيارة جولة على استوديوهات إعداد وإنتاج المحتوى من محاضرات يقوم عليها طاقات هائلة من الشباب والشابات في التعليم تنافس نظراءهم في استوديوهات التلفزيون السعودي.
إلا أنه من المبكر الحكم عليها، فقد تكون الرؤية أوضح بعد الأسابيع السبعة أو أكثر قليلا لتقييم تجربة التعليم عن بعد بأهدافها الكمية قبل أهدافها النوعية.
لكني أعتقد -شخصيا- بأن مهنة المعلم والمعلمة ستضمر أكثر فأكثر وستكون أكبر ضحايا التقنية بين المهن المنقرضة؛ نظرا لحجم المنتمين لها مقارنة بغيرها مع الدخول في عصر التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني، فإذا كان 200 معلم ومعلمة قادرين أن يقدموا 100 محتوى لكافة مستويات وفصول التعليم العام وبطريقة احترافية عبر قناة عين وعبر منصة مدرستي وغيرهما، فما الذي سيفعله مئات آلاف المعلمين والمعلمات؟
ولذلك أقترح على وزارة التعليم ووزارة الموارد البشرية، إحداث وظيفة بمسمى يتناسب مع ما تقوم به الأسرة حاليا في ظل التعليم عن بعد نيابة عن المدرسة وعن التعليم، ليتم تحويل واستيعاب أكبر عدد من المعلمين والمعلمات على هذا المسمى الوظيفي فيما لو واجه المعلمون والمعلمات مصيرا مثل الاستغناء عن جهودهم.
إن الأب والأم ليسا على ملاك الوزارة وليست الأبوة والأمومة مهنة، وما يقوم به أفراد الأسرة تجاه الابن أو الأخ هو عمل عاطفي محمود ومشكور ومتوقع، لكنه ليس تحت سيطرة المدرسة ولا تتحكم المدرسة أو التعليم.
كما أقترح إعادة تعريف وتصنيف مهنة «معلم» و«معلمة» من جديد، لأن الموجود والمعمول به حاليا قد يكون «وظيفة معلم» و«وظيفة معلمة» وليست «مهنة معلم» و«مهنة معلمة». وكما هو معلوم، فالمستقبل هو لصالح المهنة وليس لصالح الوظيفة بشكل عام.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
علينا أن نعرف وأن نعترف بأن المعلم يعيش غربة المهنة منذ فترة، غربة متفاقمة بدأت تتسع وتتفاقم منذ سنوات، وقد وصلت ذروتها مع مرحلة التعليم عن بعد. فمن ناحية، تتعرض مهنة التعليم ذاتها لتحولات جذرية أفقدتها الكثير من خصائصها وصيرورتها وأضافت لها الكثير من الخصائص، في المقابل أصبحنا نطالب المعلم بالكثير من المهارات والقدرات الخارقة كي يواكب مستجدات التقنية والتحولات الملازمة لها.
إن نسبة كبيرة مما يمارسه المعلم اليوم ليس في صميم مهنة التعليم، وهو إما مهارات وقدرات أملتها التقنية، أو مهارات وقدرات تصب في مجال التواصل أو أنها تصب في مجال الإقناع والمهارات الإدارية والاجتماعية التي يتطلبها التعامل مع الجمهور المباشر أو غير المباشر والذي يتوجه إليه المعلم والمعلمة.
الأسبوع الماضي كنت مع عدد من كتاب الرأي الذين استضافتهم وزارة التعليم، بحضور معالي وزير التعليم ومعالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات لاطلاع كتاب الرأي والإعلام على الجهود التي قامت بها الوزارتان وغيرهما من جهات في مجال التعليم عن بعد. وشملت الزيارة جولة على استوديوهات إعداد وإنتاج المحتوى من محاضرات يقوم عليها طاقات هائلة من الشباب والشابات في التعليم تنافس نظراءهم في استوديوهات التلفزيون السعودي.
إلا أنه من المبكر الحكم عليها، فقد تكون الرؤية أوضح بعد الأسابيع السبعة أو أكثر قليلا لتقييم تجربة التعليم عن بعد بأهدافها الكمية قبل أهدافها النوعية.
لكني أعتقد -شخصيا- بأن مهنة المعلم والمعلمة ستضمر أكثر فأكثر وستكون أكبر ضحايا التقنية بين المهن المنقرضة؛ نظرا لحجم المنتمين لها مقارنة بغيرها مع الدخول في عصر التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني، فإذا كان 200 معلم ومعلمة قادرين أن يقدموا 100 محتوى لكافة مستويات وفصول التعليم العام وبطريقة احترافية عبر قناة عين وعبر منصة مدرستي وغيرهما، فما الذي سيفعله مئات آلاف المعلمين والمعلمات؟
ولذلك أقترح على وزارة التعليم ووزارة الموارد البشرية، إحداث وظيفة بمسمى يتناسب مع ما تقوم به الأسرة حاليا في ظل التعليم عن بعد نيابة عن المدرسة وعن التعليم، ليتم تحويل واستيعاب أكبر عدد من المعلمين والمعلمات على هذا المسمى الوظيفي فيما لو واجه المعلمون والمعلمات مصيرا مثل الاستغناء عن جهودهم.
إن الأب والأم ليسا على ملاك الوزارة وليست الأبوة والأمومة مهنة، وما يقوم به أفراد الأسرة تجاه الابن أو الأخ هو عمل عاطفي محمود ومشكور ومتوقع، لكنه ليس تحت سيطرة المدرسة ولا تتحكم المدرسة أو التعليم.
كما أقترح إعادة تعريف وتصنيف مهنة «معلم» و«معلمة» من جديد، لأن الموجود والمعمول به حاليا قد يكون «وظيفة معلم» و«وظيفة معلمة» وليست «مهنة معلم» و«مهنة معلمة». وكما هو معلوم، فالمستقبل هو لصالح المهنة وليس لصالح الوظيفة بشكل عام.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org